شكل القرن 19 منعطفا خطيرا في تاريخ المغرب الذي أصبح محط أطماع القوى الأوربية التي استغلت تفوقها العسكري والاقتصادي لممارسة ضغوطات استعمارية على المغرب ولمواجهة هذه التطورات المستجدة قام المخزن بمحاولات إصلاحية إلا أن القوى الاستعمارية حدت من فعاليتها وأدت إلى إفشالها فما هي أشكال الضغوط الاستعمارية ونتائجها على المغرب؟ وما هي الميادين التي همتها الإصلاحات بالمغرب؟ وما هي عوامل فشل هذه الإصلاحات ومحدوديتها؟

تعرض المغرب لضغوط استعمارية مختلفة

الضغوط العسكرية (الضغوط الاستعمارية على المغرب و محاولات الاصلاح)

معركة إيسلي

استغلت فرنسا مساعدة السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام للمقاومة الجزائرية بقيادة الأمير عبد القادر الحزائري لتعلن الحرب على المغرب ، إضافة إلى رغبة فرنسا في ضم المغرب إلى إمبراطوريتها الاستعمارية بشمال إفريقيا فاندلعت بذلك معركة ايسلي سنة 1844م التي انتهت بهزيمة المغرب واضطر معها إلى التوقيع على معاهدة للا مغنية 1845 التي اكتنفها الغموض على مستوى رسم الحدود بين المغرب و الجزائر بشكل يسمح بإمكانية التسرب الفرنسي إذ تركت مجمل الحدود دون تحديد كما اقتطعت فرنسا بموجبها جزء كبير من التراب المغربي بضمه إلى مستعمرتها (الجرائر).

حرب تطوان

استغلت اسبانيا خلافات بسيطة مع قبائل الأنجرة الريفية المجاورة لمدينة سبتة ، لتعلن الحرب على المغرب(حرب تطوان 1860-1859) والتي انتهت باحتلال المدينة وبهزيمة المغرب ثم معاهدة صلح سنة 1860 م وفق شروط قاسية أهمها دفع غرامة مالية قدرها 20 مليون ريال وتوسيع نفوذ اسپانيا حول مدينة سبتة وحصول اسبانيا على قطعة ارض في الجنوب لبناء ميناء للصيد.

الضغوط الاقتصادية (الضغوط الاستعمارية على المغرب و محاولات الاصلاح)

نجحت الدول الأوروبية في ممارسة الضغط الدبلوماسي على المغرب للحصول على مجموعة من الامتيازات التجارية، غير أن الدولة التي تعتبر نموذجا في ذلك هي بريطانيا من خلال المعاهدة التجارية مع المغرب سنة 1856 والتي منحت الامتيازات التالية حرية تنقل التجار الإنجليز وإمكانية السكن والتملك وإسقاط الكنطرادات والممنوعات في المتاجر وتحديد الرسوم الجمركية على الواردات في عشر القيمة (10%) ، و حق القناصل في الفصل في النزاعات التي يكون الأجنبي طرفا فيها.

الضغوط الدبلوماسية ذات الامتيازات السياسية

وقع المغرب مع فرنسا معاهدة بيكلار سنة 1863 م نصت على امتياز منح ممثلي الدول الأوروبية للمغاربة المتعاملين معهم ما عرف ب "الحماية القنصلية التي تعني اعفاء المحميين من واجبات الضرائب ومن متابعة القضاء الشرعي الإسلامي وفي سنة 1880م انعقد مؤتمر مدريد بطلب من السلطان الحسن الاول لوضع حد للحمايات القنصلية التي كانت تضر المغرب سياسيا واقتصاديا لكن مقررات المؤتمر كرست نظام الحماية الفردية وعممته لصالح الدول الأوروبية ورسخت الامتيازات الممنوحة للأوروبيين بل وأعطت الأجانب حق امتلاك الأراضي في المغرب.

خلفت الضغوط الاستعمارية عدة آثار سلبية على المغرب أهمهما المس بسيادة المغرب الترابية انخفاض مداخيل البلاد وتراكم ديونها وتغلغل الرأسمال الأوربي و إفلاس التجار و الحرفيين المغاربة وتزايد عدد المحميين.

انتباه

 الضغوط الدبلوماسية تشمل أيضا الضغوط الاقتصادية و التجارية اذا فهي تتضمن لنا الضغوط السياسية والاقتصادية

وثيقة : الحدود المغربية الجزائرية حسب معاهدة للامغنية  1845

ما يجب معرفته

كان المغرب محط أطماع الدول الامبريالية ما جعله عرضة لضغوط استعمارية قسمت ما بين الضغوط العسكرية الفرنسية المتمثلة في معركة ايسلي سنة 1844 م التي انتهت بانهزام المغرب وتوقيع معاهدة للامغنية سنة 1845 م والضغوط العسكرية الاسبانية والتي تجلت في حرب تطوان ما بين 1859 و 1860 م انتهت بدورها بانهزام المغرب وتوقيع معاهدة قاسية، أما الضغوط الاقتصادية فتظهر لنا من خلال توقيع المغرب لعدة اتفاقيات تجارية مع الدول الأوربية منحت لهم بموجبها امتيازات تجارية كتخفيض الرسوم الجمركية كالاتفاقية التي عقدت مع انجلترا سنة 1856م ، أما الضغوط السياسية فبقد نتج عنها ضرب المغرب في سيادته و التحكم في شؤونه الداخلية خاصة بعد مؤتمر الجزيرة الخضراء و الذي كرس الحماية القنصلية وأعطى للأجانب حق الملكية. ولقد نتج عن هذه الضغوط أضرار سلبية سواء من الناحية الاقتصادية و وكذلك السياسية.

الضغوط الاجتماعية والثقافية على المغرب خلال القرن 19(الضغوط الاستعمارية على المغرب و محاولات الاصلاح)

تُعتبر الضغوط الاجتماعية والثقافية من الوسائل المهمة التي استخدمتها القوى الأوروبية لتسهيل عملية تغلغلها الاستعماري في المغرب خلال القرن التاسع عشر، وقد تمثلت هذه الضغوط في مجموعة من الأشكال أهمها:

 البعثات التبشيرية الأجنبية:

•استُخدمت البعثات التبشيرية من طرف الدول الأوروبية (خصوصًا الفرنسية والإسبانية والبريطانية) كأداة للضغط الثقافي والاجتماعي على المغرب.

•كانت هذه البعثات تسعى إلى نشر المسيحية بين السكان المسلمين، وخصوصًا في المناطق الفقيرة والنائية التي تعاني من الجهل والفقر.

•اهتمت هذه البعثات بفتح المدارس والمستوصفات الطبية والجمعيات الخيرية بهدف كسب ثقة السكان المحليين.

الهدف الرئيسي: إحداث تغيير ثقافي واجتماعي وديني، وإضعاف الهوية الإسلامية والوطنية للمجتمع المغربي.

 المدارس الأجنبية ونشر اللغات الأوروبية:

•عمدت القوى الاستعمارية إلى تأسيس مدارس أجنبية في المدن الكبرى (طنجة، الرباط، الدار البيضاء، فاس، مراكش)، وكانت تدرس مناهج فرنسية وإسبانية وإنجليزية.

•كانت هذه المدارس تجذب أبناء النخب المغربية بهدف تربيتهم وفق الثقافة الغربية وتكوين نخبة جديدة موالية للغرب.

•أدت هذه المدارس إلى خلق طبقة اجتماعية من المغاربة، مرتبطة فكريًا وثقافيًا بالدول الأوروبية، وعملت على إحداث شرخ اجتماعي بين طبقات المجتمع المغربي.

الهدف الرئيسي: خلق نخب محلية داعمة للاستعمار وتسهل تنفيذ المصالح الأوروبية في المغرب لاحقًا.

 إدخال أساليب الحياة الأوروبية وتشجيع التقليد الثقافي:

•عملت الدول الأوروبية على نشر نمط حياة جديد بين المغاربة (مثل طريقة اللباس، استهلاك السلع الأوروبية، استخدام اللغة الأوروبية في الحياة اليومية، وإقامة المناسبات الاجتماعية وفق النمط الأوروبي).

•شجعت الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا، المغاربة على تبني بعض العادات والتقاليد الأوروبية، والتخلي تدريجيًا عن العادات المغربية التقليدية.

•نتج عن ذلك ظهور تيارات فكرية واجتماعية تدعو إلى تقليد الأوروبيين باعتبار ذلك مدخلًا للتقدم والتطور، مما خلق جدلًا وصراعًا بين التمسك بالهوية المغربية التقليدية وبين الانفتاح على النموذج الغربي.

الهدف الرئيسي: تسهيل السيطرة الاستعمارية من خلال إضعاف الارتباط الثقافي للمغاربة بهويتهم الوطنية والتقليدية.

 الاستقطاب الثقافي والفكري للنخب المغربية:

•قامت القوى الأوروبية بجذب المثقفين والنخب المغربية عبر توفير منح دراسية في أوروبا وإرسال بعثات ثقافية وعلمية.

•تركزت هذه البعثات على دراسة العلوم والآداب الأوروبية والفلسفات الغربية، مما أنتج جيلًا من المثقفين المغاربة المتأثرين بالثقافة الأوروبية.

•ساهم ذلك في خلق تيارين داخل المجتمع المغربي:

•تيار محافظ رافض للتغريب.

•تيار إصلاحي يدعو إلى تبني النمط الغربي من أجل التطوير والإصلاح.

الهدف الرئيسي: خلق تناقضات داخلية وإضعاف موقف المغرب المقاوم للهيمنة الأوروبية.

 الاستعانة بالإعلام والصحافة الأوروبية:

•استخدمت القوى الأوروبية الصحافة ووسائل الإعلام للترويج للأفكار الأوروبية بين المغاربة.

•كانت الصحافة الأجنبية تبرز التفوق الأوروبي وتحاول تصوير المجتمع المغربي على أنه مجتمع متأخر ثقافيًا واجتماعيًا.

•ساهمت هذه الدعاية الإعلامية في ترسيخ الصورة السلبية عن المغرب، مما أثر على الرأي العام الداخلي والخارجي ومهد لقبول التدخل الأجنبي باعتباره «ضرورة» لإنقاذ البلاد.

الهدف الرئيسي: إيجاد أرضية لقبول التدخل الاستعماري لاحقًا.

الإصلاحات التي قام بها المخزن المغربي لمواجهة الضغوط الاستعمارية وأسباب فشلها ومحدوديتها

لمواصلة هذا الملخص، قم بالتسجيل بالمجان في كيزاكو

النسخة المجانية لكيزاكو:
  • ملخصات الدروس غير محدودة
  • فيديو مجاني في كل درس
  • تمرين مصحح مجاني
  • اختبار تفاعلي
إنشاء حساب مجاني
Signaler une erreur
Signaler une erreur